قد لا تخلو أسرنا من فرد واحد على الأقل يعاني من آلام المفاصل خصوصا آلام الركبة، حتى باتت هذه الأعراض نتيجة حتمية للتقدم في السن. يتعلق الأمر بمرض المفاصل الأكثر انتشارا بين البالغين: مرض تآكل الغضروف. فما سبب هذه الآلام وكيف يمكن تفاديها؟

الغضروف نسيج يغطي سطح المفصل ويساعد على سلاسة حركة جميع أعضاء الجسم. يحتوي على خلايا “الكوندروسيت” المصممة بطريقة تمكنها من التجدد الدائم.

تفرز هذه الخلايا بروتينات تحبس جزيئات الماء، مكوّنة نوعاً ما وسادة مخففة للصدمات، والحركة من أهم العوامل التي تساعد هذه الأخيرة على القيام بدورها بشكل صحيح.

عندما يختلّ التوازن بين عملية تكوين وتآكل الغضروف، يتآكل هذا الأخير دون أن يتجدد. عندها، يفرز الغضروف أنزيمات تدعى “البروتياز” وهي مسؤولة عن الالتهاب الذي يسبب الألم ويدمّر الغضروف.

أسباب المرض:

يمكن لمرض تآكل الغضروف أن يحدث كمرض أولي دون سبب مباشر، أو كمرض ثانوي ناتج عن إصابة مباشرة للسطح المفصلي.

كما أن هناك عواملا تزيد من احتمالية الإصابة نذكر منها؛

الوزن الزائد: وهو من أهم العوامل التي تؤدي إلى حدوث هذا التآكل، نظرا لما يتحمله المفصل – في غالب الأحيان مفصل الركبة- من ضغط كبير، ولأن المفصل غير مؤهل لتحمل هذا الضغط غير الطبيعي فإنه يتعرض لتآكل طبقة غضاريف الركبة خصوصا عند السيدات.

الإجهاد المتكرر للركبة: كالإكثار من هبوط وصعود السلالم والجلوس لفترات طويلة في وضع القرفصاء أو الإكثار من ممارسة بعض الرياضات ككرة القدم.

الوراثة: فقد أثبتت عدة دراسات وجود عوامل وراثية تؤدي إلى حدوث التآكل.

جنس المريض: إذ تعتبر النساء أكثر عرضة للإصابة من الرجال.

انحراف أو تقوس الساقين الذي يؤدي إلى حدوث ضغط زائد ومتكرر على أجزاء محددة من المفصل.

إصابة أو كسر السطح المفصلي.

بعض الأمراض الروماتيزمية كالنقرس.

تشخيص المرض:

تعتبر الأعراض السريرية والمتمثلة في الآلام المفصلية المصاحبة لحركة محدودة للمفصل كافية لتشخيص المرض. لكن عادة ما يتم تأكيد التشخيص عن طريق التصوير بالأشعة السينية والتي تمكن من تحديد مرحلة المرض أو نادراً عن طريق التصوير بالرنين المغناطيسي لاستبعاد تلف الغضروف المفصلي الهلالي.

العلاج:

يهدف العلاج إلى مكافحة الأعراض السريرية وتثبيط تقدم التلف وتتمثل المرحلة الأولى منه في العلاج التحفظي غير الجراحي، الذي يجب أن يتكيف مع شدة الأعراض ومسار المرض بالإضافة إلى الآثار الجانبية المحتملة.

وينصح الخبراء باتباع حمية لإنقاص الوزن، وممارسة الرياضة بشكل يومي دون إجهاد، ويعد المشي والسباحة وركوب الدراجة من أفضل الرياضات في هذا الصدد. ولا ينصح بالرياضات المرتبطة برفع الأثقال والتغيرات المفاجئة في الاتجاه والصدمات؛ وكذا العلاج الحراري من خلال استعمال كمادات دافئة في حال عدم تورم المفصل أو كمادات باردة في حال تورم هذا الأخير؛ وحقن مسكنات الألم الموضعية الستيرويدات.

يُلجأ للخيار الجراحي عند فشل العلاج التحفظي وذلك عن طريق تقنيات مختلفة حسب عمر المريض ودرجة تطور المرض. وتتمثل الإمكانيات المتاحة في هذا الصدد في جراحة المنظار خاصة لعلاج تآكل الغضروف الهلالي للركبة، بالإضافة لجراحة تقويم العظام لاستعادة استقامة الساقين، وأخيراً زراعة المفاصل الصناعية وذلك في حال استمرار وجود الألم على الرغم من تدابير العلاج التحفظي فيكون ذلك إشارة لضرورة استبدال المفصل.

 

 

[Rédacteur: الدكتور إسماعيل الجزولي [email protected]

Correction linguistique: سارة الحجوجي ‏[email protected]